الدكتور مجدي يعقوب.. رجل تحبه القلوب

يعتبر الدكتور مجدي يعقوب منارة يهتدي بها كل مرضى القلب في جميع أنحاء العالم؛ فعلى مدار مسيرة مهنية امتدت لعقود، أسهمت ابتكاراته وتقنياته التي أدخلها في مجال جراحة القلب والأوعية الدموية في إحداث ثورة على الجراحة التقليدية. في هذا المقال سنتطرق إلى بدايات الدكتور مجدي يعقوب ومسيرته المهنية، وتأسيس مؤسسة مجدي يعقوب، والأثر الدائم الذي تركه في مجال جراحة القلب، أثرٌ ليس على المرضى فحسب بل وعلى الأطباء أنفسهم الذين يرون في الدكتور مجدي يعقوب ملهما وقدوة يقتدون بها. 

مجدي يعقوب

• الحياة المبكرة للدكتور مجدي يعقوب

الطفولة والخلفية الأسرية 

ولد الدكتور مجدي يعقوب 15 نوفمبر عام 1935 بمركز بلبيس بالشرقية، لعائلة كاثوليكية تمتد جذورها إلى محافظة أسيوط. والده (حبيب يعقوب) كان جراحا في وزارة الصحة، فاقترب الدكتور مجدي يعقوب من الطب عن طريق والده وشعر أنه شغوفٌ بهذا المجال فحلم بأن يتجه إليه ويتعمق فيه من خلال الدراسة الأكاديمية.

الدراسة الأكاديمية

التحق الدكتور مجدي يعقوب بجامعة القاهر فواصل بإصرار العمل والتحصيل ليهيئ نفسه كطبيب مستقبلي لامع. بعد التخرج بترتيب خامس على الدفعة عام 1957 تلقى الدكتور مجدي يعقوب تدريبا في إنجلترا عام 1962، حيث تخصص في مجال جراحة القلب والصدر؛ بسبب موت عمته أوجيني في سن صغيرة بمرض في القلب فأحزنت أباه.

المسيرة المهنية للدكتور مجدي يعقوب

• حصل على زمالات كلية الجراحين بلندن وكلية الجراحين بأدنبرة وكلية الجراحين بجلاسكو.
• بدأ حياته المهنية لاحقا في جامعة شيكاغو عام 1969. 
• ثم رئيسا لقسم جراحة القلب عام 1972. 
• فأستاذا بمستشفى برمتون 1982.
• أصبح رئيسا لمؤسسة زراعة القلب ببريطانيا عام 1987. 
• شغل منصب رئيس قسم البحوث والتعليم الطبي والمستشار الفخري لكلية الملك أدوارد. 

لم يدخر الدكتور مجدي يعقوب في هذه الفترة، أيَّ جهد في صقل مهاراته، لقد تفانى في هذه الفترة في الدراسة، وانغمس في العمل ليكون ليس فقط طبيبا بل من أشهر الأطباء في مجاله. 

عام 1980 تمكن الدكتور مجدي يعقوب من زراعة قلب لدريك موريس وبقي على قيد الحياة حتى وفاته عام 2005. وتعتبر هذه الفترة هي الأطول في البقاء حيا بعد زراعة القلب. 

يعتبر الدكتور مجدي يعقوب من أهم ستة أطباء عالميين في مجال جراحة القلب، والطبيب الثاني الذي أجرى هذه العملية المعقدة لدريك موريس بعد الطبيب العالمي كريستيان برنارد. 

استطاع الدكتور مجدي يعقوب بمعاونة فريق طبي أن يزرع صمام قلب باستخدام خلايا جزعية مستخرجة من العظام. يقول الدكتور مجدي يعقوب عن هذا الابتكار أنه في خلال عشر سنوات سيكون لدينا قلبا طبيعيا تمت زراعته باستخدام الخلايا الجزعية. 

أول من ابتكر جراحة الدومينو وهي جراحة لزرع قلب ورئتين في آن واحد. لقد أجرى خلال مسيرته 25 ألف عملية منها 2500 عملية زرع قلب. 

• اقرأ أيضا
• ستيف جوبز.. سنوات تساوي قصيرة إنجازات كبيرة
• ليونيل ميسي اللاعب الذي عانق السحاب
• مسيرة كريستوفر نولان

• إنجازات الدكتور مجدي يعقوب

الإبتكارات والتقنيات

لم تأتي عالمية السير مجدي يعقوب من فراغ بل من الإسهامات الرائدة في جراحة القلب، فالدكتور له الفضل في تقنيات وابتكارات مثل التقدم في الجراحات طفيفة التوغل (minimally invasive surgery) كما أحدث أدوات يستخدمها في غرفة العمليات وتقنيات في مجال التصوير.

التقدم في مجال زراعة القلب 

من خلال الإخلاص في العمل والبحث دخل مجال زراعة القلب على يديه مرحلة جديدة، فلقد ساهم في إطالة عمر المتلقي وترك أثرا ملموسا يهتدي به الجراحون من بعده من أجل قطع أشواط في مجال زراعة القلب.

إسهاماته في مجال صمامات القلب

لم تنتهي إسهامات الدكتور مجدي يعقوب عند التقنيات والأدوات أو التقدم في زراعة القلب، بل له إسهامات في مجال استبدال الصمامات القلبية التالفة أو إصلاحها. هذه الإسهامات لم تحدث تطورا في مجال جراحات الصمامات القلبية بل حسّنت من أداء الصمامات داخل المرضى المصابين.

• إنشاء مؤسسة مجدي يعقوب للقلب

أهداف المؤسسة

بعد مسيرة طويلة من النجاحات في الخارج جاء الدكتور إلى مصر ووضع حجر الأساس لمؤسسة مجدي يعقوب للقلب التي بدأت في محافظة أسوان بصعيد مصر ثم الوجه البحري. المؤسسة ترتكز على تقديم الرعاية الطبية والجراحية للطبقات المحرومة. وتقدم الدعم للأطباء والمهنيين لصقل مهاراتهم في مجال جراحات القلب. 

المبادرات 

أطلقت مؤسسة مجدي يعقوب العديد من المبادرات والبرامج التي تتوافق مع أهدافها، منها : 

• إنشاء مراكز طبية مجهزة. 
• إرسال البعثات الطبية لمعالجة الطبقات المحرومة النائية. 
• دعم المشاريع البحثية. 

التعاون والشراكة

منذ نشأت المؤسسة وهي تتعاون وتشارك بفاعلية مع المراكز والمؤسسات الطبية العالمية من أجل الاستفادة والاطلاع على أحدث التقنيات المستخدمة في مجال جراحات القلب. 

لم يساهم الدكتور في تحسين أحوال المرضى فحسب بل قدم الأسهامات والإبتكارات التي تعطي للمجتمع الطبي من بعده الدليل الذي يمكن السير خلفه بثقة؛ لتحقيق إنجازات جديدة إن لم تُضَف للسير مجدي يعقوب فمما لا شك فيه أن إسهاماته مهددت لها.

• التقديرات والجوائز

لقد حصل الدكتور مجدي يعقوب على لقب sir التي تمنح لكبار الشخصيات التي لعبت دورا مميزا في حقل من الحقول التي تفيد البشرية. كما أنه حل ضيفا على أكبر المؤسسات المتخصصة في جراحات القلب للاستفادة منه ومن خبراته وللمساهمة في علاج مرضى لا يستطيعون الوصول إليه.

جوائز أخرى 

بخلاف وسام الفروسية الإنكليزي الذي حصل عليه عام 1992 فأصبح يعرف في إنجلترا وفي العالم بالسير مجدي يعقوب، حصل أيضا على جوائز أخرى مرموقة مثل وسام ليستر وميدالية إليسون كليف.

• اعتراف المجتمع الطبي

التوقف عن إجراء عمليات جراحية

على الرغم من توقف السير مجدي يعقوب عن إجراء عمليات جراحية نظرا لكبر السن، إلا أنه مازال يقدم استشارات لفريقه من الجراحين الأكفاء ويوجه الفريق المعالج ناحية تقديم أفضل خدمة ورعاية صحية للمرضى.

الدكتور مجدي يعقوب في سطور

• أسس مركز لطب القلب ببريطانيا و جمعية chain of hope لرعاية قلوب أطفال دول العالم الثالث. 
• أشرف على 18 رسالة دكتوراة وكتب ألف مقال علمي منشور في دوريات طبية شهيرة. 
• دخل موسوعة جينس عندما دخل غرفة العمليات مائة مرة في عام واحد. 
• دخل المريض إريك موريس موسوعة جينس كأول مريض يعيش ما يقرب من 25 عاما بعد أن أجرى له الدكتور مجدي يعقوب عملية زراعة قلب عام 1980 حتى وفاته 2005.
• أفردت جريدة التايمز عام 1978 صفحاتها الأولى للحديث عن الدكتور مجدي يعقوب بعنوان (مجدي يعقوب الجراح النابغة الذي يعزف يوميا لحن الأمل والحياة) .
• اختاره الرئيس البريطاني السابق توني بلير لإصلاح نظام التأمين الصحي في انجلترا.
• فاز بجائزة الشعب عام 2000 والتي تقدمها هيئة الإذاعة البريطانية
• فاز عام 2007 بجائزة فخر بريطانيا على قناة أي تي في على الهواء مباشرة بحضور رئيس الوزراء جوردن براون.
• وسام الاستحقاق الملكي عام 1991
• في يناير حصل على وسام قلادة النيل العظمى وهي أرفع جائزة مصرية ولا تقدم إلا للذين قدموا خدمات جليلة للإنسانية في مجالات الطب والعلوم والادب.
• أسس عام 2009 مركز جراحة القلب بأسوان على مساحة 9000 متر
• أجري عملية جراحية نادرة في مركز أسوان لطفل عمره 12 عاما يعاني من ضيق في صمام القلب، استغرقت العملية 12 ساعة.

خاتمة 

قد تعتقد أنني جئت بكل تاريخ مجدي يعقوب لكن سأصدمك! المقالة غيض من فيض وقطرة في بحر، فهناك الكثير من الإنجازات والتقديرات في حياة واحد من أشهر خمسة أطباء في العالم ولكنني خفت التطويل

الدكتور مجدي يعقوب رمز من رموز الحضارة والعلم، لأن الحضارة والعلم وجهان لعملة واحدة فكلما تطور العلم تطورت الحضارة وتقدمت الإنسانية.