يحل علينا العام الجديد وبدلا من أن يبدأ بالسلام سيبدأ من حيث انتهى عامنا الذي أوشك على الإنتهاء بالحروب والصراعات والدماء.
وبمناسبة هذه الأيام التي أذهب بهجتها دماء الأبرياء، وجب علينا أن نستحضر رسائل السيد المسيح، التي فُقدت هي أيضا تحت الأنقاض أو احترقت بوابل من الصواريخ.
السيد المسيح معظّم من الأديان السماوية، ويعتبر نموذج إلهي للتسامح وخفض الجناح أمام الضعفاء والصبر على مكاره الطغاة.
وليست رسائل السيد المسيح ببعيدة عن مجال تطوير الذات بل هي قريبة جدا؛ فكل من ينشر القيم الجميلة بيننا وجب أن يحتل صفحة من صفحات هذا المدونة ولو كنا نستطيع أن نكتب عنه بمداد الذهب ما تأخرنا.
فما هي رسائل السيد المسيح عليه السلام التي يجب أن نخرجها من تحت الأنقاص ونزيل عنها الغبار.
![]() |
أقوال السيد المسيح |
- الرسالة الأولى: المحبة
مما لا شك فيه أن هذه الرسالة هي الأشهر عند السيد المسيح وهي عماد دعوته، إذ قال في إنجيل متى:" أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"
كم هي قريبة هذه الرسالة من رسالة نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) عندما طلب منه أحد الصحابة أن يدعوا على الكافرين والمشركين فاعترض نبينا الكريم متمنيا أن يهديهم الله أو يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله.
ورسالة السيد المسيح في المحبة لو نشرنها بيننا لن نتشاحن ولن نتباغض ولن يغتب بعضنا بعضا، بل سيسود السلام وينتشر الوئام بين كافة الناس.
- الرسالة الثانية: الرحمة
في إنجيل لوقا قال السيد المسيح :"ارحموا الآخرين كما أرحمكم الله" ورسالة الرحمة من أجلّ الرسائل التي جاء بها السيد المسيح
لأنها تنشر التآزر والتعاطف بين كافة الناس، وتجعل القوي بدلا من أن يستخدم قوته في البطش يستخدمها في مساندة الضعفاء.
ورسالة الرحمة عند السيد المسيح قريبة الصلة بعبارات الرحمة التي ورد ذكرها عشرات المرات في القرآن الكريم.
إن فهم رسالة السيد المسيح عن الرحمة كفيلة بنشر قيم التعايش المشترك وإخراج المشاعر الطيبة التي أودعها الله فينا.
- الرسالة الثالثة: التسامح
"سامحو بعضكم بعضا كما سامحكم الله" إنجيل كولوسي، رسالة عظيمة أخرى من رسائل السيد المسيح، وأكد عليها وألزم بها حوارييه.
التسامح عماد من أعمدة التعايش، فماذا جنت البشرية من البغض والرغبة في الإنتقام غير دماء مسفوحة للأبرياء.
وهذه الرسالة العظيمة التي نادى بها السيد المسيح قريبة مما فعله الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مع جاره اليهودي الذي كان يرمي قاذوراته أمام بيته فلما انقطع ذهب إليه النبي الكريم ليسأل عنه وعن أحواله.
رسالة التسامح تعني أن نتجاوز عما يفعله فينا الآخر وبالتالي نتفادى المشاحنة تلك المشاحنة التي أوردت البشربة موارد التهلكة.
- الرسالة الرابعة: المساواة
"كلكم أخوة" إنجيل متى، رسالة هامة من رسائل السيد المسيح عليه السلام التي نادي به طوال حياته وحتى مماته.
فالمساواة هي الأساس الذي يرفع أعمدة مجتمع عادل لا يفرق بين غني وفقير؛ أو بين ملك وغفير.
لقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على نشر المساواة بيننا إذ جاء في القرآن الكريم أن لا فرق بين عربي على أعجمي إلا بالتقوى.
أن الظلم الذي ترزح تحته البشرية سببه الكيل بمكيالين، فالغني هو الذي يتحكم في لقمة الفقير والقوي هو من يتحكم في حياة الضعيف.
- الرسالة الخامسة: السلام
"سلامي أترك لكم، سلامي اعطيكم" إنجيل يوحنا.
السلام من رسائل السيد المسيح عليه السلام والصراع الذي دفع ثمنه السيد المسيح من حياته كان سببه عدم كثرة النزاع بين الناس.
لذلك ركز السيد المسيح على مبدأ السلام ونشره بين الناس حتى ولو لم يجني ثماره ربما جنته الأجيال الآتية من بعده.
وفي الإسلام جعلت التحية هي السلام عليكم يرددها المسلمون بينهم ليل نهار وهي تعني عند الملقي على الملقى عليه أنك آمن من كل شر فلا تخف. لذلك يعتبر المسلمون من لا يلقى السلام على الناس أنه يحمل ضغينة لناس.
- الرسالة السادسة: التواضع
"طوبى للودعاء فأنهم يرثون الأرض"
هذه الرسالة الهامة حث عليها السيد المسيح فبدلا من الصراع على السلطة طلب من أتباعه التواضع فيما بينهم وخدمة بعضهم البعض.
وفي الإسلام حث النبي الكريم عليه الصلاة والسلام على التواضع والأمثلة التي تركها لنا على ذلك كثيرة فمن ضمن ما قاله: "إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"
- اقرأ أيضا
- خطوات نحو الإستقلال المالي
- كيف أتعامل مع بيئة العمل السامة
- أفلام تحفيزية عن النجاح
- تقبل الرفض كيف تتجاوز مشاعر الإحباط والغضب
- اختبار الصديق المزيف
- الرسالة السابعة الإيمان بالله
" الحق أقول لكم لو أن لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل: انتقل من هنا لهناك فينتقل، ولن يكن شيء غير ممكن لديكم"
رسالة سامية أخرى من رسائل السيد المسيح، رسالة الإيمان بالله، فالإيمان بالله هو ما يجعلنا نصبر على المكاره لأن بعد الظلام يأتي النور والنفق المظلم سيسفر في النهاية عن قبس هذا القبس هو البشارة التي يحملها في قلبه كل مؤمن.
- الرسالة الثامنة: المغفرة
روى السيد المسيح قصة ضرب بها مثلا على المغفرة التي يجب أن يحملها كل مؤمن في قلبه، القصة تحكي عن ابن ضال أحزن أباه فقده وعند عودته بعد أعوام وبرغم الألم الذي سببه لأبيه احتضنه أبوه وغفر له ما كان منه.
والمغفرة في الإسلام اسم من أسماء الله به ندعوه ان يغفر لنا خطايانا، فيغغرها لنا وإن كانت مثل زبد البحر. ويكفي مثلا من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن غفر وعفى عن كل الذين لاقى منهم الأذى إذ قال لهم يوم فتح مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
إن المغفرة والعفو هي الضمانة التي نضمن بها سلامة دماء الأبرياء من الإراقة. فكم من ضحايا كانوا من الممكن أن يكونوا أحياء يعيشون بين أولادهم وأحفادهم لو كان ثمة مغفرة عن تصرفاتهم. وكم من ضحايا فقدوا أرواحهم من أجل تصرفات لا تذكر ولكن ضخمها قلة المغفرة وضياع العفو بين الناس.
- الرسالة التاسعة: القبول
لقد وسعت محبة السيد المسيح الجميع حتى شملت جباة الضرائب والبغايا والمشردين، وهو ما أغضب عليه المؤسسات الدينية والسياسية. لكنه لم يخضع لمطالبهم بإبعاد هذه الشراذم عنه.
وهو ما فعله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لقد أسلم على يديه أول من أسلم العبيد والإماء. لم يبعدهم بل قربهم وفرح بإسلامهم فرحته بإسلام كبار قريش.
لقد أصبحنا في زمن النبذ، لم يعد الناس يتحملون بعضهم، بل ينبذ كلا منهم الآخر. بالرغم من أنهم ليسوا جباة ضرائب أو بغايا أو مشردين، بل أناس عاديين متميزين.
خاتمة
في هذه الأيام التي تنعي فيها الأطفال والنساء والعجائز يجب أن نعيد قراءة ونشر رسائل السيد المسيح عليه السلام، وقيم كل الأنبياء التي هجرناها فكان ما كان من سفك للدماء وقتل للأبرياء وتيتيم للأطفال وترميل للنساء.
تعليقات
إرسال تعليق